يستيقظ طلاب معهد العلوم الإسلامية بجعلان بني بو حسن على صوت الأذان الذي ينتشر في أرجاء جعلان من على المآذن كما ينتشر النور بطلوع فجر كل يوم من أيام الله تعالى على هذه الأرض الطيبة.
طلاب علموا قدر صلاة الفجر التي عظمها الله تعالى، فجعل ملائكة الليل وملائكة النهار تجتمع فيها، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( وَيَجْتَمِعُ مَلائِكَةُ اللَّيْلِ، وَمَلائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ ))، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78].
ها هو الطالب عبد الله يفتح عينيه عند أذان الفجر فيقول:الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
إنه ذكر لله تعالى عند الاستيقاظ من النوم؛ حتى يتغلب المسلم على كيد الشيطان في تلك اللحظات التي يحبب إليه فيها النوم، ويرغبه في البقاء على الفراش، ولكن المسلم يقظ ذاكر لله يعلم عداوة الشيطان ـ لعنة الله على الشيطان الرجيم ـ.
ثم يتجه عبد الله ليتوضأ ويستعد للصلاة، فيحسن الوضوء، ويمشي إلى مسجد السكن الداخلي لطلاب المعهد وهو يردد:اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي لِسَانِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُورًا وَمِنْ أَمَامِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، اللَّهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا، أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ.
وفي حال سيره إلى المسجد يشاهد رفاقه من الطلاب يتجهون إلى المسجد في سكينة وطمأنينة ووقار، ويدخل عبد الله من باب المسجد وهو يذكر قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا} [الإسراء: 80].
فيصلي صلاة سنة الفجر في خشوع وتذلل لله تعالى، وهما الركعتان اللتان قال فيهما عليه الصلاة والسلام في حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنه عليه الصلاة والسلام قَالَ: (( رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا )).
ثم ينتظر وهو يذكر الله تعالى ويقرأ القرآن الكريم حتى تقام الصلاة المفروضة، وهي الصلاة التي يحافظ عليها ويحرص على شهودها في الجماعة، ويتذكر الحديث الشريف الذي يرويه أَبِو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه قال: (( لَيْسَ صَلاةٌ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنْ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ الْمُؤَذِّنَ فَيُقِيمَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلا يَؤُمُّ النَّاسَ، ثُمَّ آخُذَ شُعَلا مِنْ نَارٍ فَأُحَرِّقَ عَلَى مَنْ لا يَخْرُجُ إِلَى الصَّلاةِ بَعْدُ )).
ثم لا ينسى عبد الله الذكر والدعاء بعد الصلاة المفروضة، وها هو مع زملائه في حلقات التلاوة بعد صلاة الفجر، تلك الحلقات المباركة التي امتدح الله المسلم الذي يلتحق بها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ )).
وأما هذه الحلقات فإنها حلقات يشرف عليها معلم المعهد، يقرئ الطلاب الآيات آية آية وهم يرددون معه، حتى يتمكنوا من القراءة الصحيحة للكلمات القرآنية، ويتقنوا تطبيق أحكام التجويد، ثم يقوم كل طالب في حلقته بقراءة تلك الآيات، ويتابعه المصحح للتلاوة من الطلاب في حلقته، ثم تختم الحلقات بالدعاء.
هكذا يستفتح طلاب معهد العلوم الإسلامية بجعلان بني بو حسن يومهم بذكر الله العظيم، نسأل الله تعالى أن يرعاهم بحفظه، ويكرمهم بعافيته، ويشملهم برحمته سبحانه.
إنها بداية طيبة ليوم دراسي مفعم بالحيوية والنشاط بقلوب مؤمنة، تحافظ على ذكر الله تعالى.
وهذه صور لحلقات التلاوة لطلاب معهد جعلان بني بو حسن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالمعلم الكاتب ياسر بن سعيد الراشدي ysaras11@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق