الإيمان في اللغة من (أمن) الأَمانُ والأَمانةُ بمعنى، وقد أَمِنْتُ فأَنا
أَمِنٌ وآمَنْتُ غيري من الأَمْن والأَمان والأَمْنُ ضدُّ الخوف، والأَمانةُ ضدُّ الخِيانة،
والإيمانُ ضدُّ الكفر، والإيمان بمعنى التصديق ضدُّه التكذيب، يقال: آمَنَ به قومٌ
وكذَّب به قومٌ، وفي التنزيل العزيز: {وآمَنَهم من خوف}.[1]
وأما الإيمان في الاصطلاح الشرعي فهو التصديق بالجنان، والإقرار
باللسان، والعمل بالأركان؛ وهو بهذا المعنى مرادف لمعنى الإسلام، فالمؤمن الحق هو
من رسخ الإيمان في قلبه بلا ريب ولا شك، بل باعتقاد جازم وتصديق كامل بأركان
الإيمان الستة: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر
خيره وشره من الله تعالى، وهذا مصداقا لحديث جبريل عليه السلام حينما سأل النبي عليه
الصلاة والسلام عن الإيمان فأجابه عليه الصلاة والسلام بقوله: (( أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ
وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ
خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ))[2]، ويتبع
ذلك التصديق إقرار باللسان مع تطبيق لأحكام الله تعالى باتباع ما جاء به النبي
عليه الصلاة والسلام من ربه عز وجل.
وبهذا يتبين أن الإيمان والإسلام متلازمان مفهوما
بحيث لا ينفك أحدهما عن الآخر، تقول آمنت بالله أي: عرفته معرفة بلغت حد اليقين، وأسلمت
له أي: خضعت لحكمه عن طواعية وانقياد. فحقيقة الإسلام تتضمن أداء العبادات المطلوبة
فهي تصديق بالله وتنفيذ لأوامره. وحقيقة الإيمان تنطوي على المعرفة الصحيحة والقيام
بحقوقها، ومن ثم فمعنى اليقين ملحوظ في الإسلام، ومعنى الخضوع ملحوظ في الإيمان.[3]
ذلك أن الشرع نقلهما عن معناهما اللغوي فاستعملهما
مترادفين في مطلق الواجب كان ذلك الواجب تصديقًا باللسان فقط أو تصديقًا بالجنان مع
قول باللسان أو كان معهما عمل لازم إتيانه. [4]
وقد وصف الله تعالى عباده المؤمنين بصفات تتضمن العقيدة التي هي من
أعمال القلوب كما تتضمن الأحكام العملية التي هي من أعمال الجوارح، ومن تلك الآيات
قوله تعالى: ) قَدْ
أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ {المؤمنون/1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {المؤمنون/2}
وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ {المؤمنون/3} وَالَّذِينَ هُمْ
لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ {المؤمنون/4} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ {المؤمنون/5}
إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ
مَلُومِينَ {المؤمنون/6} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ
الْعَادُونَ {المؤمنون/7} وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ
رَاعُونَ {المؤمنون/8} وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ {المؤمنون/9}
(.
ياسر بن سعيد الراشدي
Ysaras11@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق